الأحد، 8 فبراير 2009

تناسخ ربما ( سعيد الجندي)

قطتان في رحاب الليل يمتطيان جسورا من ظلام شديد؛ خرجا من بيت يتذكرانه بصعوبة في هذا الوقت العابس والمُمل. الكلاب تنبح مهددة ضعفيهما على قارعة الطريق، يتقلب في فراشه كالمذعور؛ الغطاء يعلو شيئا فشيئا؛ يثني ظهره متحفزا لشيء ما؛ لا يمكن تحديده أثناء النوم.

قام في الليل لقضاء حاجته. تألم بشدة في طريق العودة لفراشه؛ حين اصطدمت أحدى القطط بصندوق عربة يجرها حماران، تقتات من نفايات الشارع، فتحطَّم الكرسي في منتصف الصالة.

عاد ليستكمل نومه، فاندفعا في شجرة كثيفة تأتي في منتصف الشارع، ربما مكثا كثيرا؛ لكنهما أنقضّا على فأر وسقطا عليه كالقدر، استيقظت أمه مذعورة من وقع سقوطه الذي خلَّف صوتا مخيفا على أرضية الغرفة الخشب.

تألم بشدة، كان يشعر بأنه قد تحطَّم، ولكنهما لم يبرحا الفأر. كانتا مختلفتين حول مصيره؛ تعاركا عراكا شديدا مؤلما، اقتتلا حتى الموت تقريبا، استهلكا الليل في حرب شاملة، تمكن فيها الفأر من الهرب من هذا المصير، وترك حلبة الصراع الدموي والكوابيس المرعبة التي تقض مضجعه.
كان ليلا ثقيلا بالكاد انتهى، قام ليستقبل الصباح والعمل، صدمته ملامحه في المرآة، كانت الجروح شديدة وشاملة لكل الوجه؛ ضمدها قدر ما يستطيع وخرج. وجد عند باب البيت قطته الغائبة مصابة بالإعياء الشديد، أصطحبها للأعلى وقام برعايتها، كانت تنظر له بإشفاق وطيبة، فوجد الفرصة سانحة لأن يتغيّب عن العمل في هذا اليوم المُجهد حقا؛ ولم ينتبه مطلقا للقطة الأخرى التي تكرهها أمه؛ ولم يكترث كثيرا بأن يبحث عنها.

ماذا فعل الله ببلال فضل؟

  في المبتدأ لن أميل لكون ما سأكتبه نقدا أو مراجعة، أو حتى رأي انطباعي، رغم الاعتراف بوجود الغواية الكافية؛ كي أتصدى لقراءة الرجل وأنا مُحمل...