الأحد، 10 أبريل 2022

حميدة عبد الله .. موت المشكل والإشكالي!

 

كان موت صابر فرج - رحمه الله - نقطة تحول في شكل علاقتي بالشاعر حميدة عبد الله. فلقد أدرك صدق حزني على رحيله، رغم ما أسفرت عنه مرحلة (شوكت) ولاسيما بعد اعترافي بأنني من صاغها، وقبلها ما صاحبها من هرطقات ساذجة، وأنفس مريضة حد الفاجعة.

 

من أقسى ملامح الأسى التي رأيتها تكسو ملامحه يوم كنت أتحدث عن شوكت الحقيقي. وخاصة حين أخبرته بمجاز الشعراء أن أخي قد مات مرتين: الأولى يوم علم بانتحار أروى صالح. والثانية: يوم مات متأثرا بجلطة في جزع المخ، بعد سنوات طويلة كان يقاوم فيها الاكتئاب ببسالة، لكنه هُزم في النهاية. ولما اختنق صوتي قام ليعمل لي شيئا أشربه، وأحسبه كان يبكي.   

 

لم تكن انطباعاتي الأولى تتجه لما يعتقده الآخرون حيال الرجل وأفكاره. وللصدق لقد كان سخيا في طرح نفسه كمثقف ليبرالي، أو حسبما ظننت وقتها فرأيته حداثيا يريد مخلصا القطيعة الحادة مع الماضي. وهنا أعني التراث في مجمله، وفي القلب منه الإسلامي على اختلاف روافده. وإن كنت لم أتورط للحظة في رؤيته كملحد. ولم أكن أتقاطع مع اتساق رؤيته حيال منجز نصر حامد أبو زيد أو سيد القمني. رغم أن أفكار الرجلين لا تمثلني يقينا.

 

إن علاقة حميدة عبد الله بالسماء لم تكن كما يتصور البعض منقطعة بأي حال، وأذكر مقولته الغريبة (أن الله هو من أجرى لي الجراحة) وأزعم إنه لم يكن يجاهر بأفكاره المتسمة بالصدامية، والتي قد يفهمها السطحيون مجافاة لمعنى الإيمان إلا لاعتقاده أنها الوسيلة المتاحة للتماهي مع مجتمع المثقفين، والذي يتبارى معظمهم في إبداء معنى الخصومة الواضحة مع السماء، لكنه حين يعود لنفسه، يعود متسقا مع ثوابت معتقده الخالية من شبهة الإنكار.     

 

لم يمنحني حميدة عبد الله ما يشير لتعاطفه مع خطاب العامية، بل وكان شديد التوجس من استخدامي لكلمة خطاب أصلا. وظل كدأب معظم الفصحاء لديه عنصرية غريبة نحو شعر العامية، ويصر بضراوة أن يصفها بالإبداع الشعبوي الذي لا ينتمي بأي حال لأي مؤسسة. الغريب ما تلا هذه الجدليات الجميلة يوم رأيته يؤسس كتابا نقديا في الشعر، والأغرب أن كان موضوعه.. الوعي الجمالي عند سيد حجاب!!

 

في حقيقة الأمر لم أندهش، فالكتاب في ظني كان ردّة فعل غاضبة بعد خروجه من لجنة الشعر، ذلك الخروج الذي أصابه بغصة كبيرة كان بارعا في إخفائها. لذا واجهته ذات لقاء وأنا أقرأ فصول الكتاب من حاسوبه إنها كتابة انتقامية تتجه للفصحاء، وربما لم تنتصر في رأيي لسيد حجاب من قريب أو بعيد. وكنت ألمح بصراحة لكونه لا يجيد قراءة العامية أو للدقة نقدها. وأعجبه يومها ما قلته على سبيل التفرقة بين الفصحى والعامية. فالفصحى شعر الرؤية، والعامية هي شعر اليقين. وللصدق لم يكن معنيا بمناكفتي وقتها، لا لشيء، ولكنه كان معجبا بشعري في صمت، ولم ينس للحظة إنني من كان يدير أكذوبة شوكت، والتي كانت مدهشة لحد كبير. رغم اعترافه أن شعراء العامية غالبا لا يجيدون التحصيل الثقافي المطلوب، والذي سينعكس بقوة على أطروحاتهم الشعرية.

 

كان حميدة عبد الله مُحدثا بارعا، وأحسبه واحدا من القلائل الذين يمكن وصفهم بالظرفاء في الوسط الأدبي السكندري. لكنه لم يكن نماما أو مغتابا أو طعانا. حتى في حق من يضمرون له مشاعر سلبية أو تكاد. كان يحترم كفاح محمود عبد الصمد الأدبي ونشاطه. لكن عند (أحمد الفلو) كنت أرى لمعان عينيه حين يتحدث عنه. فمن الواضح أنها كانت علاقة صداقة حقيقية و(الفلو) على الضفة الأخرى ظل للنهاية يضمر له محبة واحترام كبيرين. وأحسب أن الرجلين كانا يقدران بعضيهما وأن ظل رأي "حميدة" فيه كمتذوق للشعر يفوق بنسبة لا يمكن إنكارها إيمانه بـ"الفلو" كشاعر. ولقد كان محقا حسبما طالعته من جملة آراء الفلو في المرات القليلة التي جالسته فيها.

 

لم يكن حميدة عبد الله من بين ما عرفتهم يمتلك آراءً صادمة حيال الواقع وشخوصه، وإن ظل عصيا على الاستفزاز، وأزعم إنه كان يفهم الجميع، ولكنه لم يتورط يوما للدخول في صراعات مفتوحة مع أناس كنت أرى أحيانا إنه لا يحترمهم ولو في قرار نفسه. وربما لأنه يدرك إنني منقطع الصلة بالواقع الأدبي كان يسر لي ببعض من هذه الآراء التي لم تكن لتصدمني بقدر ما كانت تمنحني اليقين في المعني الذي أحبه ممن يرتاحون للجلوس معي، وهو إنني مختلف. وفي الوقت نفسه سأكون مخلصا لما سمعته، والأهم إنني أمين على ما قيل من بوح يحمل وجهة نظره للعديد من الشخوص والمواقف. لكن يوم ذهبت إليه في هذه الليلة البائسة، وكنت أبحث عن مكان أبيت فيه لحين رحيلي لشارع صلاح سالم، وصلت بنا العلاقة الإنسانية منعطفا مهما. يومها طلب مني أن أقيم في صومعته أو للدقة شقة زواجه، والتي ظل مقيما فيها بعد أن غادرت الأسرة كلها لشقة أكبر. كان الرجل مرحبا لدرجة، وكريما معي. واستثمرت الأسبوعين في مطالعة مكتبته الثرية وقرأت معظمها.

 

في هذه الأيام كان مهموما بوضع كتاب يحوي مجموعة شهادات وآراء نقدية تُكتب عن تجربة الراحل عبد العظيم ناجي. وبمرارة واضحة أخبرني بتكاسل كل من اتصل بهم لتنفيذ هذه الرغبة. لكنه تألم كثيرا عندما أتته إشارة تنصحه أن يوجه جهده في كتابة تخصه؛ فالرجل قد مات وانتهى أمره. هنا وبحركة طفولية منحني نسخة مصورة من ديوان عبد العظيم (يسقط الصمت كمدية) كي أكتب عنه.

 

 في الحقيقة لم أكن أملك ذلك الترف، لكن ثقة الرجل منحتني الوقود كي أقرأ الديوان وإمعانا في الاحتياط قلت: أنا بتاع عامية، لكن سأكتب، وعليك أن تأخذ المكتوب على محمل الانطباعات. وأذكر أن وصلت الكتابة لما يربو على العشرة آلاف كلمة وفي ثلاثة أيام على حاسوبه الخاص. كانت الصدمة الأولى التي تلقاها حين قرأت عليه عنوان القراءة والتي جاءت (من مقعد زيوس) وحين طلب مني التوضيح قلت: إن ناجي لا يهتم بنموذج، فهو من يدير تجربته اعتمادا على رؤيته الخاصة حيال موضوعات قصائده، وطرائق تركيب مجازاته، والأهم التأسيس الإبداعي المنتمي لقاموس خاص يجعل من اللغة وكأنها تخصه وحده؛ لذا هو رب القصيدة وخالقها الأوحد الذي ينأى بنفسه عن التورط في تراث قراءاته، والتي تكشف لغته كم كانت غزيرة.               

على هامش هذه الكتابة وأثناء فترة إقامتي عنده. تحدث معي عن الأربعائيون. وفي القلب منهم ذاك الثلاثي: ناجي وناصر فرغلي ومهاب نصر.

 

للصدق لا أريد هنا أن أعرج على كل ما قيل من انطباعات الرجل، لن أقول عن أعضاء جماعة أدبية كان ينتمي لها، بقدر ما كان يتحدث عن صداقة حقيقية أنتجت بدورها ذكريات كان يجترها أثناء حديثه بحب وافتقاد وتأثر. وأقول بالصدق كله:

إن عبد العظيم ناجي كان يشكل معنى الغواية عند حميدة عبد الله، والنموذج المختلف للمثقف المبهر. ورأى في حياة "ناجي" المعنى المتحقق للمدنية في مقابل حياته، التي لم تجعله يستنكف أن يصف نفسه بالقروي. بينما كان مهاب نصر يمثل له العلاقة الإشكالية على حد تعبيره، فلم ينكر للحظة إنه يحبه، وإن ظل مخلصا لمعنى الخوف عليه، والقلق المتوثب حيال أفكاره واتجاهاته، ومآلاتها. لكن عند ناصر فرغلي كان حديثه يرغمني أن أحبه رغم إنني لم ألتق به يوما. كان ناصر مرموزا للحظ السيئ عند"حميدة" الرجل الذي تجاوزته الفرص وتجاوزها. وصادف عنتا من الدنيا لم يرحمه، وهو المرهف الذي ما كان ليتحمل. بل كان يذهب بعيدا حين يعلن خوفه أن تنجح الدنيا في تدمير مركبات النبل الكامنة فيه، رغم إيمانه أن ناصر فرغلي شخصيتان. واحدة تنتصر لطهره وبراءته، والأخرى ضمير حيّ يصوب حركته. وهذا المعنى قد بلغ مني مبلغا غريبا جعلني أتذكر محمد أحمد طه. وحين أفقت من شرودي وما استدعاه حديثه عن ناصر فرغلي، أخبرني إن ناصر هو الشخص الوحيد الذي عرف قبل الجميع بموت عبد العظيم ناجي. وقياسا على ما سمعت صدمتني المعلومة. ورغم جوزائيتي العتيدة ظهرت ملامح الصدمة على وجهي بجلاء. وهنا كنت ألمس ذكائه الحاد الذي مكنه من قراءة ملامحي. فقال:

يبدو أن "ناصر" كان - في ظن من أخبره - أخلصنا لعبد العظيم.

فقلت: كلكم مخلصون للرجل، وإن كنت أرجع الأمر لحسابات المساحة. والغريب إنه قد فهم كلامي كما قصدته، وأخبرني أن كل تفاصيل "ناجي"كانت مبهرة، وربما ظل بطول التواصل فاشلا في السيطرة على بريق غبطته وهو في معيته، لذا لم ينكر أنه كان يتمنى أن يعيش في حياة تقترب من نموذج ناجي. وبكل ما تنطوي عليه كلمة نموذج من تفاصيل.

 

أدركت منذ فترة ليست بالقصيرة إن أكثر التجارب صوفية في حياة الإنسان هي تجربة المرض، وفيها يتحول الله من مجرد معنى مقدس لقوة خالصة يأتي منها يقينا الخلاص. سواء بالشفاء أو بالراحة التي تتخذ من الموت في هذه اللحظة معنى لها. لا أدعي أن حميدة عبد الله كان يظهر على سمت المريض التقليدي، بل كان راضيا جدا بالتجربة. لكنها ألقت بظلالها لما يمكن أن أسميه عملية تقييم واسعة كانت نتائجها محبطة ولاشك. في هذا الوقت كنت أبث له ما يفيد أن الزمن الآن يشبه قيام الناس للحساب، فمنهم لم يتحمل الصاعقة، ومنهم من يضطرب لفكرة السير على الصراط. الكل مشغول ولا يمكن الرهان على شيء في زمن فاقد للحد الأدنى من المعاني التي يبدو وقد اندثرت كلها. الغريب كان ينظر لي بدهشة وكأني فقط ألطف عليه مأساة الجحود. والحقيقة إن الرجل في يقيني لم يكن مشغولا بقضية التقييم قبل تجربة المرض، ولكنه على المدى المنظور من حياته وجد أن جحود الآخر مبرر تماما. لا لأنه يستحق أن يُجابه بهذا المعنى المؤلم، لكن دائرته الأدبية القريبة هي التي كانت منغلقة أو تكاد. أو ربما كان حريصا على عدم انفتاحها. لا لأنه رأسمالي عتيد على حد تعبير الروائي السكندري. الغريب إنني سمعت هذا التوصيف وقمت بتخريجه بأسلوب آخر؛ كي أجيب على سؤاله في توابع أزمة مرضه: أين الأزمة؟

 يومها قلت: لأنك ضربت نموذج الشاعر الجربوع. هنالك ضحك. وتحدثنا في أمور أخرى.

 

في بدايات المرض كان مشغولا على أحمد(أصغر أولاده) وكان يراهن على المغادرة وتركه يتيما، وهذا المعنى ظل لفترة يضغطه بشدة. وبعد أن خرج من الأزمة لم يغادر الخوف، بل ظل مشغولا بهاجس آخر، وهو توثيق تجربته كلها في إطار الأعمال الكاملة التي كانت تُطبع وقتها لأقرانه. واعتبرها كآخر ما يمكن تقديمه للذكرى.

 

أحسب أن حميدة عبد الله كإنسان وشاعر قد ترك في نفسي المعنى الذي يجعل من موته خبرا مزلزلا. كريم وشريف وحر. وأحسبه أبا رقيقا حنونا وحقيقيا كان يقتله القلق حيال أولاده، يبتهج لنجاحاتهم ويتألم حيال ما يؤثر عليهم من ظروف. وأذكر يوم الجراحة الأولى التي كنت مرافقا له فيها أن ضحكت معه ونحن نجهزه وقلت له: هذه العملية على الضيق ولن ندعو لها من أحد. فيومها لم يكن أحد يعرف كونه يجري جراحة. إشفاقا منه على أسرته والقريبين منه.

 

والآن مات حميدة عبد الله تاركا في ذاكرتي أكثر العبارات شجنا وتأثيرا أيام الثورة. فلقد كنت في ذلك اليوم كمن يصطنع كمينا للثورة والثوار. لم أكن أراهن على شيء وقتها لكنه الأمل. كنت هائما على وجهي في كل الشوارع المحتملة للخروج. ولما استبد بي اليأس اتصلت به، فوجدته بشكل قدري على مقهى "كناريا" ناحية سيدي بشر. وكنت قريبا منها فذهبت إليه. تقريبا لم نشرب قهوتنا ووجدنا الشباب يعبرون من أمام حي المنتزه، والغريب لم يفكر وقمنا لنلحق بهم. ولما فتحت الخطوة وجدته يجذبني لكي نكون في الخلف ومن ثم قال:

الجبناء أولاد الجبناء والعجائز لا يمكن أن يسرقوا من هؤلاء الشباب انتفاضتهم. من الظلم أن يسرق أمثالنا هذه اللحظة التاريخية.        

الجمعة، 1 أبريل 2022

قطايف البرنس

 

في بعض الأحيان أعتقد أن عظمة القرآن تكمن في الظرفية الزمنية التي تقرأه فيها، أو تسمع بعضا من آياته. ومن هذه النفحات..{وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.

 

في حقيقة الأمر كانت هذه الآية تعبر عليَّ كغيرها؛ لتصيب أثرا محدودا في نفسي. وعلى الضفة الأخرى لم أكن شاهدا على خروج أمي من الدنيا، فلقد كنت مأخوذا بغربتي. لكني سمعت ممن شاهد لحظات النهاية إنها كانت شاردة وقلقة، وأسرت لشقيقتي الكبرى بوصية أن تهتم لأمري إن عدت. وكان الشائع أن أخي المغترب مثلي كان له في قلبها مساحة أكبر من الجميع، فظنت شقيقتي في البداية أن أمي بصدد أن توصيها عليه هو، ولست أنا. وما زاد الأمور تعقيدا أن سمعتها أخت أخرى تبكي، ولم يكن هناك من سبب للبكاء، وحين سألتها لِم البكاء؟ أجابت: كلكم ستبكون إلا هو. وها أنا ذا أبكي نيابة عنه. وحين سألتها مجددا عن أخي الغائب فقالت: لا .. أنا قصدي سومة، ثم أردفت: ياه لو يعرف إني مشيت!!

 

للآن لست أدري من صنع هذه الغيبوبة التي جعلت الجميع ينصرف وهو لا يظن أن أمي تتهيأ للرحيل. ومع تقديري لاجتهادات من يقول في تفسير الآية على ضوء الظاهر من مفرداتها وسياقها: إن قلب أم موسى كان فارغا من كل شيء عدا ذكر ولدها، أو من ذهب لكون قلبها قد صار فارغا من وعد الله بعد أن أغواها الشيطان إنها قد أساءت التصرف يوم ألقت بابنها في اليم. فإني أظن ظنا يقترب من اليقين أن العامية قد فسرت لي كيف ورغم وعد الله لها - وحيا - بضمان سلامة وليدها كانت تعيش حالة رعب كاملة على مصير ولدها، وما كانت (لولا أن ربطنا) إلا للدلالة على ذاك الخوف الكبير الذي ملأ قلبها حتى بدا من فرط الفزع خاليا، فاحتاجت من لدن رب عظيم لمزيد من التثبيت. فنحن في العامية نقول عندما يتحكم فينا الرعب: قلبي وقع في رجلي.

 

مؤكد أنا لست موسى، وأمي ليست في مقام من تستقبل الوحي الذي يجعلها مطمئنة حيال أيام غربتي. لكني في كل الأحوال ومن صوت عبد الباسط  تحديدا، استشعر أين كنت - رغم غيابي عن المشهد - من قلب أمي، وهذا المعنى يقتلني متى سمعت الآية تنساب من صوت الرجل بمثل هذا الشجن المتطرف. ولأن الإنسان ابن الغفلة أذكر يوم جنازة أمي الأخرى، وأم أعز صديق لي في هذه الدنيا، والشيخ يبتهل في دعائه على شفير قبرها أذكر أن دعا لها ولولدها الذي كان وقتها يعيش في كرب جدا عظيم. وكأنه يسرب من خلال ذاك الدعاء ما يشير للظلم الذي حاق بولدها في محنته، ولقلب الأم التي رحلت، ولم تكتحل عيناها برؤية أكبر أبنائها؛ حتى كاد قلبها أن يكون فارغا بنفس الدرجة.                 

ماذا فعل الله ببلال فضل؟

  في المبتدأ لن أميل لكون ما سأكتبه نقدا أو مراجعة، أو حتى رأي انطباعي، رغم الاعتراف بوجود الغواية الكافية؛ كي أتصدى لقراءة الرجل وأنا مُحمل...