أحمد
السعيد / العامية في ثوب التجلي
1/2
الأرض أُمّ المعجزات
والفلاحين مش أوليا
لكن لهم كرامات
ربّك تبسّم للي شكّ وقال:
(أُنظر الى الأرض البوار
إزاى بنُحييها ونكسوها خَضار
ولنَجْعَلك آيه)
الفلاحين قالو:الرّب ليْه فى كل شئ غايه
.
دايماً بيبهرنى بطريقته ف النجاه
وازاى –بصدره بس – واقف للحياة
واشمعنا هوا مابعش روحه من زمان
وازاى –بمحض ارادته – وزّع جِلده ع العيله أمان
وازاى محافظ ع الإيمان
والفلاحين مش أوليا
لكن لهم كرامات
ربّك تبسّم للي شكّ وقال:
(أُنظر الى الأرض البوار
إزاى بنُحييها ونكسوها خَضار
ولنَجْعَلك آيه)
الفلاحين قالو:الرّب ليْه فى كل شئ غايه
.
دايماً بيبهرنى بطريقته ف النجاه
وازاى –بصدره بس – واقف للحياة
واشمعنا هوا مابعش روحه من زمان
وازاى –بمحض ارادته – وزّع جِلده ع العيله أمان
وازاى محافظ ع الإيمان
والعيشه كُفر
الكُفر
ازاى طلع من تحت تحت الصفر
نفّض هدومه وابتسملى وقال:
الحاجَه أُم الصبر
.
شُفته
بيشدّ نور الصبح يوميا
من بين سنان الليل
و يشدّنى م التوهه فى التأويل
مارتاحش ليه ومسابش لحظه تفوت؟
ازاى طلع من تحت تحت الصفر
نفّض هدومه وابتسملى وقال:
الحاجَه أُم الصبر
.
شُفته
بيشدّ نور الصبح يوميا
من بين سنان الليل
و يشدّنى م التوهه فى التأويل
مارتاحش ليه ومسابش لحظه تفوت؟
قاللى:
(الرّاحه هيا انّك تكون قدّ التعب
والعجز موت)
بصّيت لقيتنى لسه حىّ ارتحت
هامش/ النّص أقرب ما يكون للنحت
.
شخص بْتواضع شمس آخر اليوم
إزاى تسيب دور البطوله للقمر
رغم انّه أصلا مش مُضئ
هوا اللى مهّدلى الطريق
هوا اللى قاللى ازاى أكمّل سكّتى مستناهوش
وازاى أأجل دمعتى لمشهد أخير بعد الستار
فمَمثّلوش
وازاى أدوّر ع الإضاءه ف حته برّا الكادر
وازاى أخلى الضعف سر ّ
وازاى أخلّى لنفسى صدر بْعضم ضهرى
أنا.. من يوم ما علّمنى المواجهه
بطّلت أجرى
.
كلّمته عن ضعف الغلابه المحقونين بالقهر
قالّى: الأرض صابره
اللى انتقم للطينه من دوس الجبابره
نفس اللى عطّرها برفات الصالحين
بس احنا شفنا الكُلّ قبر
كلّمته عن جيب الفقير اللى اتنهب
عربون مقاولة
قاللي: الفرحه أخت المال رضاعه مش نسب
والدمّ أولى
.
كلّمته عن حزنه و عمره اللى اتسرق
قاللى: الدمع بيبوش ف العرق
و العين مش اصدق م اللسان
الرّز أكتر بهجه من ورده لجعان
أنا عشت للدنيا 3 ادوار و حتة أرض
و عشت لاخواتك دراع و جدار وشيش
و عشت للدولة موظف ف الحكومه و عِشتلك
مفضيتش اعيش
.
للعلم بالشئ ومن باب الأمانه
نَصّ الكلام متقالش حرفياً
أنا
-ولأنه كان معجون تعب دايما -
كنت اكتفى بهدوءه توجيه للرضا
ف استنى واجمد
هوّا
علشان مهوّاش من هُواة الفضفضة
وفّر على نفسه الكلام
سمّانى أحمد!!
(الرّاحه هيا انّك تكون قدّ التعب
والعجز موت)
بصّيت لقيتنى لسه حىّ ارتحت
هامش/ النّص أقرب ما يكون للنحت
.
شخص بْتواضع شمس آخر اليوم
إزاى تسيب دور البطوله للقمر
رغم انّه أصلا مش مُضئ
هوا اللى مهّدلى الطريق
هوا اللى قاللى ازاى أكمّل سكّتى مستناهوش
وازاى أأجل دمعتى لمشهد أخير بعد الستار
فمَمثّلوش
وازاى أدوّر ع الإضاءه ف حته برّا الكادر
وازاى أخلى الضعف سر ّ
وازاى أخلّى لنفسى صدر بْعضم ضهرى
أنا.. من يوم ما علّمنى المواجهه
بطّلت أجرى
.
كلّمته عن ضعف الغلابه المحقونين بالقهر
قالّى: الأرض صابره
اللى انتقم للطينه من دوس الجبابره
نفس اللى عطّرها برفات الصالحين
بس احنا شفنا الكُلّ قبر
كلّمته عن جيب الفقير اللى اتنهب
عربون مقاولة
قاللي: الفرحه أخت المال رضاعه مش نسب
والدمّ أولى
.
كلّمته عن حزنه و عمره اللى اتسرق
قاللى: الدمع بيبوش ف العرق
و العين مش اصدق م اللسان
الرّز أكتر بهجه من ورده لجعان
أنا عشت للدنيا 3 ادوار و حتة أرض
و عشت لاخواتك دراع و جدار وشيش
و عشت للدولة موظف ف الحكومه و عِشتلك
مفضيتش اعيش
.
للعلم بالشئ ومن باب الأمانه
نَصّ الكلام متقالش حرفياً
أنا
-ولأنه كان معجون تعب دايما -
كنت اكتفى بهدوءه توجيه للرضا
ف استنى واجمد
هوّا
علشان مهوّاش من هُواة الفضفضة
وفّر على نفسه الكلام
سمّانى أحمد!!
***
لا تتحد الرغبة في إنتاج الحزن والشعر إلا في
تجارب إنسانية حقيقية بامتياز، مع رصيد متطرف من موهبة التعبير الشعري الدال،
والمؤثر. هي تجربة قادمة ولاشك، ما لم تعرقلها الحياة والبشر، أو يا ربما سقطت
عنوة في آتون الظروف.
ليس من السهولة بمكان أن تصادف شعرا يضغطك على
هذا النحو، يستطيع أن يحيلك إلى كتلة من التأثر الشفيف، حال التماهي مع وجع صاحبه،
في جمل شعرية هي أقرب لترنحات طائر مذبوح. فالقصيدة هنا تتميز بقدرة فائقة على الاعتراف، تتحسس مواضع التعرية
والمواساة في آن. كما إنها تستطيع بسلاسة صادمة أن تورطك فيما يشبه لقاء جزء مهمش
من دراما الحياة.
هو إذن ينتمي للصنف الثالث من الشعراء الذين لا
يدفعهم إلى العالم أي دافع من وئام، أو يا ربما في خصومة مع تفاصيله. تتجاوز ما
يمكن توصيفه عتابا إلى ما يشبه الطعن والتجريح. الأمر الذي يعكس بضراوة أن ثمة
هزيمة قاسية وعنيفة قد تعرضت لها الذات، ربما في بواكير الاشتباك مع عالمها.
الأرض أُمّ
المعجزات
والفلاحين مش أوليا
لكن لهم كرامات
ربّك تبسّم للي شكّ وقال:
(أُنظر إلى الأرض البوار
إزاى بنُحييها ونكسوها خَضار
ولنَجْعَلك آية)
الفلاحين قالو:الرّب ليْه.. في كل شيء غاية
والفلاحين مش أوليا
لكن لهم كرامات
ربّك تبسّم للي شكّ وقال:
(أُنظر إلى الأرض البوار
إزاى بنُحييها ونكسوها خَضار
ولنَجْعَلك آية)
الفلاحين قالو:الرّب ليْه.. في كل شيء غاية
إن الاستهلال هنا كان معنيا برغبة التأسيس للجدال
الدائر بين الأب و الابن الشاعر. اعتناء لم يؤسس للشاعرية في معناها المجازي، بل
رحنا معه في لغة هي أقرب للذرائعية التي تستعد لإنجاز مواجيدها. مقدمة كانت تستقي
من براعة الصياغة المعتمدة على رهافة اللغة، والسيولة التي تليق بشعر يعتمد على
درامية الفكرة بأكثر من اعتماده على إنتاج قضايا كبرى لا يحتملها النص.
هنا سألت.. أين صدمة الصورة، أو البحث عن علة
غيابها؟
في حقيقة الأمر النص إجمالا يبدو لي صورة شعرية مكتملة الأركان، حتى وإن اعتمدت على ذاك
الديالوج، وإن المتن المفتتح لم يخل بالكلية من المجاز، بل إن التصوير نفسه قد سار
على نحو ما؛ كي يدشن أزمة النص والذات معا. لأن اللاحق لهذا المتن من متون شعرية
سيشهد صعودا حادا للتصوير المبدع والمدهش. وأزعم أن الرجل يمهد لوجوده قبل الدخول
للنص، يؤسس استهلالا يكشف عن شاعرية صنعت كل شيء: التقرير، التحفيز، التناص، سلاسة
اللغة، القدرة على التوريط الدرامي لديالوج على درجة من السخونة، وإن لم يخلُ من
حميمية.
دايماً بيبهرنى بطريقته ف
النجاه
وازاى –بصدره بس – واقف للحياة
واشمعنا هوا مابعش روحه من زمان
وازاى –بمحض إرادته – وزّع جِلده ع العيله أمان
وازاى محافظ ع الإيمان
وازاى –بصدره بس – واقف للحياة
واشمعنا هوا مابعش روحه من زمان
وازاى –بمحض إرادته – وزّع جِلده ع العيله أمان
وازاى محافظ ع الإيمان
والعيشه كُفر الكُفر
ازاى طلع من تحت تحت الصفر
نفّض هدومه وابتسملى وقال:
الحاجَه أُم الصبر
ازاى طلع من تحت تحت الصفر
نفّض هدومه وابتسملى وقال:
الحاجَه أُم الصبر
في حقيقة الأمر عند مركزية الألم، وحميمية
العتاب، لا يمكن الرهان بأبعد من لقاء هذه التقنية التي تعتمد الديالوج الشعري.
وهنا نحتاج لأن نقف وقفة حيال هذا الملمح. لأننا – يقينا- نقرأ حالة شعرية هي أقرب للتجلي، مأساة أكبر من
أن تتحملها قدرات الرجل. لذا من الممكن أن يصادف قارئ العامية المتمرس شعرا بإيقاع
الركض الخائف، فالقصيدة أو الفاعلية الشعرية إذا جاز التعبير تبدأ من منطلقات
مرتبكة، متوترة، ومن ثم تنطلق الحدوس الشعرية في إطار لغة تم تأسيسها على إيقاع
صوتي يوحي باللهاث، والاضطراب، حتى تصل لسطر شعري هو أقرب للموت، أو السقوط من
شاهق. وكأن المتن الشعري الواحد يتوقف وقوفا قدريا، لا دخل للإرادة فيه. الغريب
إننا لا نصادف الراحة ألا بالوصول عند سطر شعري منتم للحكمة{ الحاجة أم الصبر}.
وهو السطر الذي يفض الاشتباك مؤقتا. كي نخفف إيقاع الركض، وسخونة الجدال، والذي
يؤسس مزاج الحيرة لدى الذات الشاعرة التي تطرح أسئلتها في يقين الأب. بعد أن سيطر
عليها انعدام اليقين والجدوى.
في هذا المتن ارتفعت الإنتاجية الشعرية نسبيا،
بدت المفارقات التصويرية المنتجة للشاعرية وكأنها مجازات فطرية إلى درجة، تكشف مدى
البساطة وارتفاع شكل الموهبة، مع إنتاج آليات التخييل عند الرجل. فلا يبدو الصدر
في مواجهة الحياة سوى حيلة مجازية معلومة بالضرورة لدلالة المواجهة، لكن حضور
بصدره (بس) تظل الإضافة الأعمق، في إشارة لفرادة المواجهة دون توريط الشاعرية في
إلقاء تهم التخلي حيال آخر لم تذكره القصيدة. أما عن هذه الصورة المفجعة دلاليا
والتي تجعلك تشعر ببعض القشعريرة حال تلمس ما تثيره في ذهن التلقي{ وزع جِلده}
حينها من السهل أن يتمثل لديك حضور ذاك الجسد المنهك الذي أمتثل عاريا لفعل التوزيع
الطوعي الذي مورس حيال شبكة الأب الاجتماعية التي لم تجد في إشارة عفوية وعبقرية
في آن ترد على أصحاب القراءات البريئة لِم لم تقل الشاعرية {وزع لحمه} ففي مأساة
تتسلل في هكذا نص، لا يمكن توقع غير الجلد المنهك. ولا نغفل ذلك الضغط المهم الذي
لم يتعالَ على التكرار { كفر الكفر/ تحت التحت} للتدليل على عظيم ما صادف هذا
الكيان الإنساني من أزمة شديدة الأثر.
شُفته
بيشدّ نور الصبح يوميا
من بين سنان الليل
و يشدّنى م التوهه في التأويل
مارتاحش ليه ومسابش لحظه تفوت؟
بيشدّ نور الصبح يوميا
من بين سنان الليل
و يشدّنى م التوهه في التأويل
مارتاحش ليه ومسابش لحظه تفوت؟
قاللى:
(الرّاحه هيا انّك تكون قدّ التعب
والعجز موت)
بصّيت لقيتنى لسه حىّ ارتحت
هامش/ النّص أقرب ما يكون للنحت
(الرّاحه هيا انّك تكون قدّ التعب
والعجز موت)
بصّيت لقيتنى لسه حىّ ارتحت
هامش/ النّص أقرب ما يكون للنحت
إن الحديث عن مأساة تقف خلف كتابة جاءت على هذا
النحو ليس من قبيل المبالغة، بل إن التركيبة النفسية التي تتعامل مع ديالوج شعري
بهذا الوجع، لا تعني تحت ضغط الشاعرية قدرة ما على إنتاج أزمتها، وبث تخريجات أخرى
لمشكل الرفض الذي تماهى مع مشكل الرضا المنبثق من خطاب الأب في متن القصيدة، بل قد
تغرينا للاعتقاد بتأسيس انسجام ظاهري مع حركة الأقدار{ الأب}، رغم احتدام الرفض في
الداخل{ الابن الشاعر}.
بطبيعة الحال وكما سبق القول سترتفع آليات
التخييل المدهش تدريجيا، فهنا الشاعرية تصول وتجول في إلقاء مجازاتها. من { شد نور
الصبح/ من بين سنان الليل} صورة تشبه إلى حد كبير من فتح قوسا وأغلقه. وبتضاد عفوي
بين الصبح والليل كان الحضور للصورة طاغيا جدا، مع إشارة لليل بعدم التفريط، الأمر
الذي جعل الصبح عالقا بأسنانه، بل وقد نذهب لأبعد من ذلك إذا سألنا الشاعرية..
ماذا تبقى من هذا الصبح العالق بأسنان الليل سوى أشلاء؟ إذن قد نفسر دلالات الصورة
لصبح مبتور المعني، صبح مختلف عن أي صباحات أخرى.
{ التوهة} البحر أو هي الغرق، بيد أن من المنطقي
بمكان أن نعيد ربط الموقف الإنساني بالموقف الفكري هاهنا، لا لشيء، فالرجل يقينا
قد جعل التوهة بشكل حصري لحساب التأويل. لذا جاءت(قاللي) لا لتؤسس إجابة ترضيه،
وإنما لتضع حدا فاصلا لتصورات الذات الشاعرة التي أرهقها البحث عن تبرير مقنع
لحركة الأب في الحياة. وجملة القول. هي
الأداء الحكمي الذي تتوقف عنده الشاعرية مؤقتا؛ كي تلتقط أنفاسها. جملتان لا
يؤسسان وحسب للشاعرية، بل للمفارقة التي لا يمكن دحضها تفسيريا. فإذا اتفقنا أن
الشاعر ليس ملزما بأي حال أن ينتج أحكاما قيمية، فإن الرجل هنا قد راوغ وهو يبتغي أن
يؤسس هذا الحكم، لذا لو توقفنا قليلا لتفسير ماهية الراحة، لأدركنا أن الراحة تأتي
في تكافؤ القدرة والجهد حيال الأمر المستحق لها. أو أقوى من(الجالب للتعب) على
أضعف الاحتمالات. وعند من يفكرون بهذه الطريقة فمن الحتمية أن يكون العجز هو
المرادف الطبيعي للموت.
لا أميل للمصادرة على نوايا الشاعر، لكن آخر سطر
بدا لي إشارة لو تخلت عن (النحت) لكانت بمثابة من يؤسس انحرافا سرديا يعطي للشعر بُعدا
من مراوغة للتخفيف من حمولة الضغط بوجع شخوص النص.
شخص بْتواضع شمس آخر اليوم
إزاى تسيب دور البطوله للقمر
رغم انّه أصلا مش مُضئ
هوا اللى مهّدلى الطريق
هوا اللى قاللى ازاى أكمّل سكّتى مستناهوش
وازاى أأجل دمعتى لمشهد أخير بعد الستار
فمَمثّلوش
وازاى أدوّر ع الإضاءه ف حته برّا الكادر
وازاى أخلى الضعف سر ّ
وازاى أخلّى لنفسى صدر بْعضم ضهرى
أنا.. من يوم ما علّمنى المواجهه
بطّلت أجرى
إزاى تسيب دور البطوله للقمر
رغم انّه أصلا مش مُضئ
هوا اللى مهّدلى الطريق
هوا اللى قاللى ازاى أكمّل سكّتى مستناهوش
وازاى أأجل دمعتى لمشهد أخير بعد الستار
فمَمثّلوش
وازاى أدوّر ع الإضاءه ف حته برّا الكادر
وازاى أخلى الضعف سر ّ
وازاى أخلّى لنفسى صدر بْعضم ضهرى
أنا.. من يوم ما علّمنى المواجهه
بطّلت أجرى
كنت ومازلت مؤمنا أن أهم مواجيد شاعر العامية
عندما يلجأ طوعا لقصيدة المرآة، والتي تعني محاكمة الذات من الخارج. بيد أن هذه
الآلية لم تخضع بالضرورة لشكل رؤية الشاعر، بل ذهبت أبعد حتى من هذه الرغبة؛ كي
تنجز الدراما والدراما المضادة. يجعلنا نشعر بصوت الشاعر كصدى لصوت الأب أو العكس،
وفي تنويعات شبه سردية تستطيع الانفلات بالانحراف والتعليق؛ كي يبث وجعا طاعنا
وشفيفا أمام جمهور هو المشكلة، وظروف هي القصيدة.
طالما لا توجد قراءة بريئة للأدب، ففي هذا المتن
الشعري من السهل أن أفقد موضوعيتي يقينا، لا لشيء، لكن لهذا التماس الحاد مع مناخ الاغتراب
والنفور، وذاك التواصل المبتور مع العالم وتفاصيله. الأمر الذي هزمني إنسانيا حال
التقيت به شعرا هنا.
ربما غاب الأب - لأول مرَّة- من إشكالية الديالوج، غياب تكمن عبقريته في حضور
ضده. وأعني هنا المونولوج. صوت الشاعر الفرد الذي يعتلي خشبة مسرح يبث ما علق من
إشارات في ذاكرته، من آثار ومناقب ذاك النموذج الإنساني الفريد. وتحققت مجددا
الفاعلية الشاعرية يا ربما في أعلى صورها. في تناسل مجازي مُبهر إلى حد بعيد.
أزعم أن أي قراءة حاسمة أو تكاد للعامية ليست معنية
بتفسير النص أو شرحه، إننا نبحث في بلاغة الأثر، مشكل التواصل مع الإدهاش، وحساب
الدلالات، ومدى إنجازها لنوايا صاحب النص وأفكاره.
أبتدع الشاعر المونولوج الإخباري عن الأب. والتوصيف
الشعري المتجه إلى صياغة المديح المأزوم لمناقبه أو كلماته التي قالها في معرض
نصيحة، مديح ممتلئ بأطياف من أزمة قد تحيلها لنا شاعرية هذا الوصف.لذا لن نلجأ
للمصادرة على ذائقة التلقي، وإنما سنشير بطرف خفي لشكل التناول الشعري
ودلالاته.. {شخص بْتواضع شمس
آخر اليوم}. يقال أن التشبيه يربط بين هويتين متباينتين
بالضغط والإلحاح. لكن هل يجوز لرجل بهذا السمت أن لا يكون الشمس نفسها قبل التورط
في التشبيه؟ إن شمس منتصف النهار أو التي تسعى حثيثا لغروبها لم تفقد في رحلة
النهار شموخها وكبريائها في الحقيقة، وإنما قوتها اللافحة، لذا ربط الزوال
بالتواضع الذي تأسست عليه الصورة تشير ضمنيا لهذا اللين والدعة، بيد أن ما يثير
فضولي هنا كيمياء الفرق بين (في تواضع / بتواضع) ومن المعلوم أن (في) تعني الظرفية
المتداخلة في مشكل التواضع، بينما بـ تواضع تعني المصاحبة أو الرفقة. لذا كنت أميل نسبيا
إلى (في) للدلالة على تماهي الشخص في ذاك التواضع. والتخلي عن الباء التي قد تعني
عند التفسير السلبي أن تواضعه قد جاء منتحلا، وليس سمتا أصيلا فيه. رغم أنها في كل
الحالات لم تفقد الصورة براعتها وبكارتها. مؤكد كان حضور القمر على ظلال هذه
الصورة حضورا عفويا، بل أن تواضع الرجل الذي يشبه شمس آخر اليوم الساعية لغروبها
وإيذانا بدخول الليل، قد جعل من ذاك النموذج الإنساني متعاطفا مع القمر الذي
سيتولى قيادة المشهد(دور البطولة) بيد أن الانتصار لتنازله الضمني لا ينفي بأي حال واستنادا
للحقيقة الفلكية الجغرافية أن القمر معتم في ذاته، ويستمد ضوءه من الشمس حتى وإن
بدت للرائي في زوال حاسم.
ربما يعتقد البعض أن الشعر لا
ينبغي له التورط في هكذا أحكام، لكن عبقرية هذا الامتداد التصويري تظل أكبر وأهم
من التخلي عن المعايير العلمية المعلومة بالضرورة عن عتمة القمر وافتقاره للضوء ما
لم تمنحه الشمس إياه.
لا أميل عادة لتفسير الشعر أو
شرحه، أو يا ربما المصادرة على نوايا صانع الحالة الشعرية، ودوائر التلقي معا.
ولاسيما أن باقي هذا المتن قد تعامل مع منطق المفارقات التصويرية والتي تعني
عبقرية الصياغة التي تحيلك للاعتقاد أنك أمام إنتاجية شعرية تقترب من كونها مجازا.
{وازاى أأجل دمعتي
لمشهد أخير بعد الستار.. فمَمثلوش}.
إن التأسيس المعكوس للبكاء المشير لضعف قد صار في حكم السلوك الإرادي، وكأن الضعف
الناتج من البكاء يأتي بقرار. ربما سيقول قائل: أنه تعلَّم ذلك من سلطة الأب
الحاضر في النص، وهذا صحيح يقينا، لكننا لا ندري إلى أي درجة تحققت هذه الإرادة
التي سعت لتأجيل بكائها. وإن ظلت عبقرية التواري بالبكاء بعد نزول الستار.
في البحث عن الضوء خارج الكادر
قد يحيل التأويل ناحية الجسارة أو خارج حدود النمطي. أو الطعن في مظهرية الضوء،
فداخل الكادر قد يبدو الضوء مشكوكا فيه.
عند الإشارة لكيمياء المواجهة
تعلمت الذات أن تؤسس لعظام الصدر المعني بتحقق المواجهة أن تكون من نفس عظام الظهر
الأشد قوة. وفي شرطية حاسمة تعترف الشاعرية أن التراجع عن المواجهة، لا يعني
باطنيا الخوف في حدود المعنى الأقرب، بل إن المواجهة قد عطلت فعليا آلية الركض،
والتي تعني يقينا ما هو أكبر من الخوف. رغم أن { بطلت
أجري} قد تؤسس للخوف فعلا. في مراوحة كنائية دالة ومعبرة أن يكون الجري
معادلا للخوف وللتخلي في آن.