الأحد، 16 أغسطس 2020

روب كل سنة وأنت طيب

 

عزيزي روب


دائما ما أتذكر هذا اليوم؛ كي لا أظلمك في تقييمي، كون تراثك السينمائي في معظمة تجاري حد الصدمة. كنت مراهقا وقتها وفي واحدة من دور السينما المتواضعة في الإسكندرية، مدينتي الأغلى. هذه اللؤلؤة التي جلس على واحدة من مقاهيها "مارتي"* ولم يعرفه أحد، رغم إنها مقهى للمثقفين حسبما أفهم. كنت أنا المراهق الشغوف بالسينما قابعا في صالة العرض، أشاهدك عائدا من حرب فيتنام ويبدو أن تفاصيل هذه الحرب قد دفعت بك أن تعود من هناك لتكو Driver ن Taxiالذي رفض في حسم أن يقود نهارا لأنه لن يتحمل ضجيج نيويورك فآثر أن يقود ليلا، وحينئذ أكتشف عبثية الحرب التي لم تكن سوى لبسط الصولجان الأمريكي على الكون. فالليل كان مسرحا متسعا للجريمة والدعارة والانحلال النوعي الذي ضرب كل شيء.

عامان أو يكاد  وشاهدتك مولعا بصيد الغزلان The Deer Hunter. كان الفيلم ضاغطا جدا، لم أفهم أين هي الأزمة التي تجعل من حرب فيتنام أمرا ملحا لهذا الطرح الهوليودي. لكن يومها لم أهتم، لكن خرجت بذكرى وجه "ميريل ستريب" الملائكي، وهي تدعوك للرحيل لهناك؛ كي تأتي لها بحبيبها.

أتذكر كيف كان ردَّك حين سألك "مو" البدين ماذا كنت تفعل طيلة الثلاثين عاما التي خلت فقلت في لهجة اليائس: أنام مبكرا. فعلمت ماذا حدث ذات يوم في أمريكا. أعجبني إخلاصك لـ"روبرت ميتشوم" حين أعدت تمثيل فيلمه الانتقامي الأشهر Cape Fear  خليج الخوف. فنجحت أن تجعلني أكرهك حد النفور.

تطاول العمر يا "روب" وأعدت مشاهدتك. لكن كنت حريصا أن أراك فيما هو أبعد من الأكشن الذي لا أحبه عادة.  فتوقفت كثيرا عند the king of comedy فأدركت عبقريتك الفذة حين اختلط في يقيني الضحك بالبكاء. ولم ألمس قدر رومانسيتك وأنت تتأخر عن موعد"ميريل ستريب في falling in love ولمست العظمة في أبهى تجلياتها awakenings مع القدير روبين ويليامز. وهو يتصدى لعلاج توحدك.  لا يضرك ما سقط من تفاصيل الرحلة. لا لشيء، ولكن لأنك أخلصت لهذه المهنة. أحتاج وجودك كدليل حي على شبابي الذي ولى. يوم كنت قادرا أن أذهب للسينما دون أن أفكر في شيء غير استجلاب المتعة. لأني الآن صرت عاجزا أن أفكر في شيء أبعد من تصور عظيم الشجن والألم أن يأتي اليوم فلا أجدك في هذه الحياة سواء أنت أو القريب "باتشينو" لذا دائما أبتهج حين تعملان معا. أستمتع بحياتك يا رجل، وعدني إنك لن ترحل قبلي. وكل عام وأنت الشرير الجميل والإنسان النادر.

............

* مارتي= مارتين سكورسيزي

 

 

  

ماذا فعل الله ببلال فضل؟

  في المبتدأ لن أميل لكون ما سأكتبه نقدا أو مراجعة، أو حتى رأي انطباعي، رغم الاعتراف بوجود الغواية الكافية؛ كي أتصدى لقراءة الرجل وأنا مُحمل...